قبطان البحيرة: قصة “مالك” الطفل الذي يصطحب الزوار في جولات سياحية

تصوير: سعد علوان

مسدلاً شعره على كتفيه غير آبه بالطول الذي آل إليه، مرتدياً قبعة مصنوعة من القش مطرزة بخيوط حمراء، وحاملاً بيديه مجدافين خشبيين يكادان يفوقان طوله، لكنه لا يأبه لفارق الطول هذا!

فالطفل مالك الذي لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره يعلم أنه أقوى من تلك المجاديف الطويلة، فما أن تلامس المياه حتى يقودها بمهارة، الأمر الذي يشهد عليه زوّار البحيرة.

 يطبع قبلة على جبين والده المريض قبل مغادرة المنزل إلى عمله، ناجيان من الموت من مدينة حمص السورية حطّ الرحال بهما بالقرب من بحيرة ميدانكي في الشمال السوري.

وأخيراً وصل مالك إلى البحيرة حيث قاربه الخشبي القديم الذي أطلق عليه اسم “سلام”، كان قد حصل عليه هدية من سكان المنطقة عندما وصل ووالده إليها عام 2018، واليوم يستخدمه كوسيلة ترفيه لزوار البحيرة واصطحابهم في جولة بحرية داخل مياهها التي تمتد على مساحة 14 كم.

يعمل هذا الطفل  على هذا القارب منذ عامين يومياً من الصباح حتى المساء مقابل مبلغ يحصّله لا يتجاوز الدولار واحد في اليوم.

مبلغ يعيل به والده المريض، ويعيل نفسه أيضاً بعدما خسر منزله، ومدرسته والأهم من ذلك بعدما خسر والدته وشقيقتيه جميعهن قضوا في قصف استهدف منزلهم في حمص.

مرهقاً بعد يوم عمل طويل يودّع  مالك القارب “سلام” على إحدى ضفاف بحيرة ميدانكي، وينطلق إلى منزله حيث ينتظره والده.

واليوم يوجد في سوريا إلى جانب مالك قرابة مليوني طفل خارج المدرسة، ورغم عدم وجود إحصائيات عن عدد المتورطين في عمالة الأطفال لكنّ المؤشرات تدل إلى وجود عدد كبير منهم يعملون في مختلف الأعمال الخطيرة التي تضع حياتهم في خطر.