“ماذا يعني أن تقف عاجزاً أمام عذاب طفلتك وأوجاعها؟!”… عن ابنتي الصغيرة “هبة”

لم يستطع النوم هذه الليلة أيضاً! فخوف عبدالكريم/ 55 عاماً على طفلته المريضة هبة شكل هاجساً لديه، “ماذا لو ارتمت البطانية فوق وجهها وتوقفت عن التنفس؟!” يقول الرجل الخمسيني.

فهذه الصغيرة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها ولدت بدون أطراف علوية وسفلية، وإن إصابتها بأي نوع من أنواع الالتهابات يعني الكثير من العناية والمتابعة لحالتها وخاصة تلك التي تصيب رئتيها وتعيق  تنفسها.

ليال كثيرة مرّت على والدها عبد الكريم دون أن تغفو عيناه للحظة، يقول لـ Tiny Hand تعاني “هبة من عجز بجسدها الداخلي تماماً كما لديها عجز بالخارج، ولا يقتصر الأمر على أنها ولدت بدون أطراف بل أيضاً مناعة جسدها الضعيفة فهي معرّضة للإصابة الدائمة بالالتهابات”.

باختصار مرضها يعني تأمين “عناية كاملة مختلفة” يوضح والدها “هبة قطعة من جسدي، أبذل كلّ جهدي لتقديم الرعاية الكاملة لها، هي لا تأكل وتشرب مثلنا بل تحتاج إلى مساعدة وخدمة كاملة”.

ويحدث العيب الخلقي في الأطراف عندما لا تتشكل الذراع أو الساق بشكل طبيعي أثناء نمو الطفل في الرحم. غالبًا ما يكون السبب للعيب الخلقي في الأطراف غير معروف، وقد تزيد أشياء معينة من فرص ولادة طفل بهذا العيب، منها مشاكل الجينية أو التعرّض لبعض الفيروسات أو المواد الكيميائية.

حال عبدالكريم لا يختلف كثيراً عن غيره من النازحين السوريين الذين يصارعون يومياً أمام غلاء الأسعار وفقدان وظائفهم ومصادر أرزاقهم، فقبل عام و4 شهور هرب عبدالكريم وأبناؤه التسعة من منزلهم في إحدى قرى معرة النعمان، ونزحوا إلى ريف إدلب.

“لم نأخذ معنا شيئاً، سوى ملابسنا التي نرتديها، خسرت منزلي والأرض التي كنت أزرعها ونعيش مما ننتجه ونبيعه” يقول عبدالكريم.

وانتهى بهم الحال في منزل بريف إدلب تكفلت إحدى المنظمات بدفع تكاليف الإيجار لمدة عام كامل.

رغم كلّ ما مرّ به عبدالكريم وأفراد عائلته بسبب الحرب والأوضاع المادية السيئة، إلا أنهم متفقون أنّ رعاية “هبة” هي الأولوية في حياتهم، ما دفعهم للتواصل مع جهات مختلفة لتركيب أطراف اصطناعية لها، “ولكننا ما زلنا ننتظر الرد” يقول والدها الذي يصرّ على أنه لن يتوقف عن البحث “فمشاهدة طفلتي وهي تتعذب كلما تعرضت لمشكلة في التنفس، والخوف عليها من غطاء يغلق مجاريها التنفسية أو حتى عجزها عن إبعاد بعوضة تطير بالقرب من وجهها، هو أمر مؤلم للغاية”.

وبينما اختصرت هبة تعبيرها عن حبها لوالدها بقبلة تطبعها على خدّه، هو اختصر كل أحلامه برؤيتها تمشي على قدميها، “هذا حلمي وحلم كل فرد من هذه العائلة، أن نراها وهي تمشي على قدميها يوماً ما” يختتم عبدالكريم كلامه.