دائمًا ما يوصف حديث الأطفال بأنه كلام يبثُّ الفرح ويبعث على التفاؤل، حديث يتسم بمفردات وموضوعات تُعبّر عن عالمهم الخاص. ولكن عندما تجلس مع طفل وتتجاذب معه أطراف الحديث، لا تجد تلك المفردات التي يتحدث عنها المختصون بلغة الأطفال وأدبهم، فالطفل اليمني يتحدث عن كل شيء يتحدث به الكِبار، أحاديثهم لا تُشبههم، أطفال شاخت طفولتهم في بلد يعاملون فيه كوقود حرب….
تسبّبت الحرب والصراع في اليمن منذ ما يزيد على سبع سنوات في أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم بحسب تصنيف الأمم المتحدة، في ظل تدهور اقتصادي ومعيشي كبير يطال النسبة الغالبة من السكان، علاوة على توسع رقعة الجوع والفقر والبطالة وتفشي حالات سوء التغذية الحادّ والوخيم في أوساط الأطفال ما دون سن الخامسة. …
أكثر من 15 صورة فوتوغرافية تروي كل منها قصة وحلم للفتاة التي التقطت هذه الصورة، بعضها كتب عليها “مدرسة، حتى أحقق أحلامي” وأخرى عبرت عن حلم فتاة بأن تصبح مصففة شعر حيث التقطت صورة لمستحضرات تجميل….
بدأت تنفد الخيارات أمام الأب الذي كان أطفاله ينتظرون منه أن يفعل شيئاً لهم، عيونهم جميعها متجه نحوه، وكأنما يسألونه كيف سيسكّن ألم عظامهم التي سكنها البرد. …
وقف نور الدين الذي تلونت أصابعه بالسواد مشدوها، عاجزاً عن قول أي كلمة، رفع يده وهو يمسك بقية معطف زهري اللون وحدق به مراراً، فقبل وقت قصير كان هذا المعطف على جسد طفلة ارتجف قلبها من البرد في خيمة أحاطت بها الثلوج….
مسكت الأم هاتفها وهي تذرف دموعها من وراء الشاشة، وخرجت أمام جمهور مواقع التواصل بعدما أصابها اليأس، وراحت تستجدي الجميع لمساعدتها في محنتها، وقالت لهم بصوت ممزوج بالبكاء: “أنقذوا طفلتي”….