فاروق مقبل الكمالي | صنعاء
التقرير تم إنجازه بشراكة مع موقع المشاهد اليمني
بدأوا تدريباتهم في شوارع الطرقات المدمرة وعلى مختلف أرصفة المدينة اليمنية صنعاء، لم تمنعهم لا الحرب الدائرة في بلادهم ولا قلة الموارد أو حتى انعدامها في كثير من الأحيان من تحقيق حلمهم وتأسيس سيرك في اليمن.
على رأس هذه المجموعة، يأتي عبد الجليل عباس، مدرب الجمباز، الذي أسس مع رفاقه هذا الفريق قبل عامين، لينجح في استقطاب منظمي الحفلات دعوة فرقته لتقديم عروض بهلوانية مختلفة.
لكن كانت بداياتهم في هذا المجال قبل الحرب منذ العام 2000، حين كان انطلق عباس في رحلة تعلّم الجمباز، لكن في عام 2011 تعرَض لإصابة خلال إحدى البطولات.
لكن كل ذلك لم يمنعه من متابعة حلمه.
في 2019، أي العام الرابع للحرب، أسس عباس، ومعه محمد حسان، فرقة السيرك اليمني،التي تضم 12 لاعبًا يعشقون اللعبة، وصار حضورهم جزءًا لا يتجزأ من برامج الاحتفالات المدرسية والجامعية والرياضية في صنعاء.
يقول عباس لمنصة “المشاهد” عندما “أسست فرقة السيرك اليمني، كنا نعلب في السبعين وعلى الأرصفة وفي الحدائق والشوارع، في كل مكان نصل إليه، انطلقنا،وواصلنا تدريباتنا بشكل يومي، رغم الحرب وقلة الإمكانات وانعدامها”.
يرد محمد حسان، لاعب الجمباز، الذي شارك رفيقه الكابتن عباس، تأسيس فرقة السرق: ” بدأنا من الصفر، وربما أن كل من شاهدنا حينها قال ما الذي يفعله هؤلاء؟ بدأنا من الصفر، وطموحنا العالمية”.
واليوم تضج الصالة الرياضية المغلقة في إحدى المدارس بصنعاء، بالنشاط والحيوية من الثانية ظهرًا كل يوم، عدا الخميس والجمعة.
شباب وأطفال يتلقون تدريباتهم على يد فريق من المدربين، يتقدمهم عباس. في الصباح يكون الفريق مشغولًا بتقديم فقرات الاستعراض البهلوانية في الاحتفالات، ويحصدون التشجيع والتصفيق، وفي المساء يباشرون برنامجهم التدريبي.
يقول عباس: هذا برنامجنا اليوم، لا بد من التدريب، ولا بد من تقديم العروض، ولا بد أن نواصل من أجل رفع اسم اليمن عاليًا في المشاركات الدولية بلعبة الجمباز.
وعن السيرك يقول: لا فرق، فجميعها حركات بهلوانية، ما تقدمه فرق السيرك هو ما يقدمه فريق الجمباز. نحن قررنا تأسيس فرقة السيرك، لأن الحركات التي يقدمها فريق السرق بمقدرونا كلاعبي جمباز تقديمها. ولأنه لا يوجد في بلادنا فرقة سيرك، قررنا تأسيس الفرقة.
تفاعل الجمهور مع عروض الفرقة، وحرصهم على دعوتها في المناسبات كحفلات التخرج وغيرها،يثبت تشبث المجتمع اليمني بالحياة والسلام. وينتظر الجمهور من الجنسين والصغار والكبار، موعد عرض فقرات السيرك في حفلات الجامعات والمدارس. وعند اختتام الفقرات يسرع المواطنون للحصول على عنوان مقر الفرقة وتدريباتها، وإن كان بالإمكان دفع أطفالهم لتدرب الجمباز والحركات البهلوانية.
يقول الكابتن أحمد المحجري، مدرب براعم أمانة العاصمة، إن المواطنين حريصون جدًا على توصيل أبنائهم في موعد التمارين يوميًا، إلى صالة التدريب، رغم كل الظروف القاسية التي يعيشونها، وهذا -حد قوله- يؤكد تفاعل المواطنين مع أداء الفرقة، ورغبتهم بمشاهدة أطفالهم وهم يؤدون تلك العروض الجميلة.
والآن حان موعد مغادرتنا صالة التدريبات فقد بدأ الأطفال يتوافدون إليها لتلقي تدريباتهم في الحركات البهلوانية المختلفة.
“لم أتخيل أنّي سأقف يومًا أشاهد فيه طفلي، عكاز أيامي القادمة، طريحَ الأرض مضرجًا بدمائه، بين الحياة والموت، يغادر الحياة ببطء شديد بعد أن استنفد جسده النحيل كلَّ ما كان يحتويه من دماء!”؛ بهذه الكلمات يتحدث الخمسيني علي صغير المرهبي، الذي فقد ولده في جبال إحدى مناطق ريمة أثناء قيامه برعي الأغنام….
يونيو 12, 2023دائمًا ما يوصف حديث الأطفال بأنه كلام يبثُّ الفرح ويبعث على التفاؤل، حديث يتسم بمفردات وموضوعات تُعبّر عن عالمهم الخاص. ولكن عندما تجلس مع طفل وتتجاذب معه أطراف الحديث، لا تجد تلك المفردات التي يتحدث عنها المختصون بلغة الأطفال وأدبهم، فالطفل اليمني يتحدث عن كل شيء يتحدث به الكِبار، أحاديثهم لا تُشبههم، أطفال شاخت طفولتهم في بلد يعاملون فيه كوقود حرب….
سبتمبر 9, 2022