جدران المنازل اليمنية المدمرة تروي قصصاً عن أطفال اليمن ضحايا الحرب بريشة الرسامة “خولة”

لن يكون هذا اليوم شبيهاً بغيره من الأيام التي مضت، هذا باختصار كان قرار اتخذته الرسامة اليمنية خولة المخلافي، اليوم ستصطحب خولة عدّة الرسم التي تملكها وتنطلق في شوارع مدينة تعز وصولاً إلى منطقة الجحملية.

فقد حسمت هذه الفنانة القرار، ستروي من خلال جدران منازل تعز المدمرة قصصاً عن أطفال اليمن، ضحايا الحرب التي مضى عليها قرابة 5 سنوات وتدهور بسببها أوضاع مليوني طفل نتيجة سوء التغذية وسوء الأوضاع المعيشية.

لم يكن من الصعب على خولة اختيار حائط منزل مدمر لتبدأ بالرسم عليه، فقد حوّلت الحرب هذه المنطقة إلى بقايا ركام، جدران متمايلة تركن عجزها على بعضها البعض، ومهجورة من كل شيء إلا من ألغام مزروعة في مناطق لا يعرفها إلا من قام بوضعها والضحية التي تنتظر أن تدهس قدمها عليها لتنفجر.

لا يهم من كان يعيش في هذا المنزل، تقول خولة لـ “Tiny hand” لأن “اختياري لمنزل ما هو مجرد أمر رمزي للمنازل التي تدمرت جراء هذه الحرب”.

الحرب التي رافقت خولة لحظة وصولها منطقة الجحملية حيث أصوات القصف تدوي من كل صوب، لتتداخل تلك الأصوات مع موسيقا صدحت من أحد المنازل، يمنيون يحتلفون بزفاف ابنهم قاموا برفع صوت الموسيقا كي تطغى على أصوات القصف.

تقول خولة “المشهد كان مذهلاً، خلال ثوان قليلة اختفى صوت القصف وعلت أصوات الأغاني، هذا باختصار ما يحلم به اليمنيون، سلام لا حرب”

والآن حان الوقت للبدء بالرسم!

، اختارت خولة صورة كان قد التقطها المصور اليمني عبد الحكيم مغلس لفتى صغير  يعيش اليوم في مخيم للنازحين في اليمن.

خولة عدّلت على هذه الصورة، وأضافت ملامح أكثر قسوة عليها مركزة على الطرف المبتور، لإيصال رسالتها حول معاناة الأطفال الذين تعرضوا لإصابات نتيجة الألغام المزروعة في كل مكان

استغرق إنهاء هذه الرسمة نحو ساعة، تقف خولة فوق سقف مهدوم تتأرجح قدميها خلال إنجاز تلك الرسمة، والتي بالتأكيد لن تكون الأخيرة فهي الأولى ضمن المشروع الذي تعمل عليه تحت عنوان “مجرد أرقام”.

“هو الاسم الأمثل لضحايا اليمن، لأننا نعتبر مجرد رقم بالنسبة للأطراف المتنازعة، ولأنه لم يعد بالإمكان إحصاء عدد الضحايا حتى هذه اللحظة، ولا يمكن حصر معاناتهم التي يواجهونها” تقول خولة.

ولكن لماذا اختارت تجسيد قصص الأطفال تحديداً في هذا المشروع؟

توضح خولة لـ “Tiny Hand” إنه “من المحزن ما يمرّ به أطفال اليمن، يواجهون معاناة حقيقية بسبب الحرب، سلبتهم حقهم في العيش كأطفال، فمثلاً هناك قسم كبير منهم يقاتل مع الأطراف المتنازعة، وقسم آخر انخرط بمزاولة أعمال شاقة من أجل تحصيل لقمة العيش لهم ولأسرهم المسؤولين عن إعالتها والمدارس أغلقت أبوابها”.

وبحسب تقرير لليونيسيف يوجد في اليمن  7.8 مليون طفل محرومون من متابعة تعليمهم.

المفارقة فيما تقوم به خولة أنها جاءت لأول مرة إلى تعز بهدف “رسم الفرح” بحسب وصفها، لنشر رسائل سلام لكن ما وجدته من دمار وخراب في كل منازل هذه المدينة غيّر خطتها بالرسم لتركز على معاناة هذه المدينة.

ويضم مشروع “مجرد أرقام” 6 رسومات جدارية في مدينة تعز، وبعدها ستعود خولة إلى صنعاء لرسم جداريات مختلفة أيضاً.

والأهم من هذا كله أن ما قامت به خولة حفز كثيرين غيرها من رسامي الغرافيتي للرسم على الجدران، تقول خولة “نحن رسامي الجرافيتي نواجه صعوبات كثيرة من قبل أطراف عدة سياسية أو دينية، لأنهم يعلمون أن الرسم يلامس أرواح الناس وهو قادر على إيصال رسائل كثيرة”.

سؤال وجواب:

من هي خولة؟

أنا مواطنة يمنية تخرجت من كلية الشريعة والقانون، وأحب أن يرتبط عمري باللحظة التي بدأت فيها بالرسم، أي 3 أعوام فمن خلال الرسم وجدت هويتي وحقيقة وجودي، مارست أنواع مختلفة من الرسم ولا زلت أبحث وأعمل على خلق نمط خاص بي.

تعز هي لوحة بالنسبة إليك، ما هي الألوان التي تعبّر عنها؟

هي كل الألوان، لا يمكنني حصرها بلون واحد، فهي تمثل الحياة بالنسبة لي ولا يمكن للحياة أن تلوّن بلون واحد فقط.

هل تواجهين صعوبة في تأمين ألوان الرسم؟

نواجه صعوبة في تنفس هواء الحرية والسلام، فما بالكم بمعدات الرسم؟!

ما هو حلمك؟

الحلم الدائم لأي إنسان يرغب في النوم بسلام ولو لمرة واحدة، أن أغلق عيني بدون خوف وأن أعيش بسلام وسعادة وأن يتوقف القتال في بلدي.

كلمة أخيرة:  الحرب تقتل الروح قبل الجسد فإلى متى سنظل نقتل روح الله التي بداخلنا حتى تنتصر الأنانية؟!