المراسل: رياض معزوزي. الجزائر
عندما أصل إلى المنزل ساتصل بخالتي لنرتب نزهة معاً، لكن أخشى ألا يجف سروالي الأخضر، أرجوك أمي انشريه تحت الشمس”، هذه آخر عبارة قالتها شيماء سدو/ 19 عاماً لوالدتها، قبل ان تعود الى البيت جثة متفحمة.
وقد تم تشييع جنازة شيماء ظهر اليوم الاثنين 5 أكتوبر 2020.
استيقظت شيماء بحيويتها المعهودة صباح الخميس 1 أكتوبر، غسلت وجهها وتوجهت الى والدتها التي كانت مستلقية في فراشها، لتخبرها أنها ستذهب إلى مركز مدينة الرغاية التابعة لولاية بومرداس ٥٠ كم شرقي الجزائر، بهدف تجديد عقد هاتفها في إحدى شركات الاتصال الخاصة.
بحرقة تتذكر والدتها الحديث الأخير مع ابنتها، تقول لـ Tiny Hand “طلبت مني طفلتي 1500 درهماً لتجديد عقد شريحة هاتفها، أعطيتها المبلغ وبقيت مستلقية في سريري”.
الأم التي ودعت ابنتها لم ترى ملابس ابنتها قبل مغادرة المنزل، تقول “عادة تدخل شيماء إلى غرفتها تبدل ملابسها ثم تخرج مباشرة من المنزل”.
ذلك الأمر كان مربكاً لها عندما أبلغت السلطات عن غياب ابنتها عن المنزل يوم كامل مع تلفون ذي شريحة لا تعمل، حينها سألها الضابط عن ملابس ابنتها، فلم تجد الإجابة.
ولكن الأم الخائفة على ابنتها بدأت بالاتصال بالأهل والأقارب والأصدقاء علها زارتهم، لكن كل الاتصالات كانت تحمل إجابة “شيماء ليست عندنا”، ما زاد من مخاوفها.
مرت الدقائق والثواني وكأنها سنوات طوال والوالدة جالسة على أريكة بقربها مروحية كهربائية، شغلتها لتنسيها حرارة الجو ودهشة غياب البنت، حتى أغمضت عيناها الباكيتان من شدة النعاس، الإرهاق والألم.
دقات الساعة تحوم على الرابعة من صباح الجمعة، 2 أكتوبر تصرخ الوالدة فروجة “واا شيماء بنتي”، قبل أن تسقط أرضا، وتسقط معها المروحية التي كانت تنعش الأجواء.
وتقول فروجة لـ Tiny hand” ما أن أغمضت عيني حتى جاءني حلم، اني اتواصل مع شيماء، يرن الهاتف ثلاث مرات ولا ترد، قبل ان تصرخ وتقول “أمي انا اموت، أنا أقتل، أين أنت؟ ” تضيف “تأكدت بأن ابنتي في وضع صعب، تواصلت مع إخوتها، أحدهم يعمل في مصالح الحماية المدنية، وقررنا إيداع تصريح باختطاف لدى مصالح أمن الرغاية، لتبدأ الجهات الوصية البحث عن شيماء وتعقب أثرها وبات حديث وسائل الإعلام عن اختطاف فتاة بالرغاية في بومرداس”.
يومان من البحث والتحري، وتدقيق في الاتصالات، والاستفسار مع الأقارب والأهل، وملف ثقيل فتحته مصالح الأمن لدائرة الرغاية شرق العاصمة الجزائر، قبل الوصول إلى مكان تواجد شيماء.
قبل شروق شمس الأحد 4 أكتوبر، يتم العثور على شيماء، وهي جثة مفحمة مرمية بمحطة وقود مهجورة بمدينة الثنية التي تبعد عن مقر سكن عائلتها بنحو 20 كم.
وكشفت تحقيقات الضبطية القضائية، وتشريح الجثة، بمستشفى الثنية، بأن الضحية تعرضت بداية للاغتصاب، قبل ان يتم الاعتداء عليها بسلاح أبيض على مستوى الرقبة، ليتم بعدها التنكيل بجثتها، وحرقها في الأخير لطمس آثار الجريمة.
الوالدة فروجة في البداية، أُخبرت على أن ابنتها تعرضت لحادث سير، وهي تنام في مستشفى الثنية، وحالتها لا تستدعي القلق. وقال فروجة لـ Tiny Hand ” توجهت بسرعة إلى المستشفى، وكل أمل أن تكون إصابة شيماء خفيفة، رغم أن قلبي كان يحدثني بأن البنت تعرضت لغير ذلك، وهو ما تأكد داخل المستشفى”.
وتواصل فروجة سردها للحادثة” دخلت المستشفى، وطلبت رؤية ابنتي، لكن كل الطواقم الطبية وشبه الطبية كانت ترفض ذلك، قبل ان يقترب مني ربيبي عميروش، الذي أخبرها بالفاجعة وما حل بشيماء”.
ألحت الوالدة على رؤية ابنتها رغم كل شيء، ودخلت لتجدها جثة متفحمة!
وتقول التحقيقات الأمنية بأن صفحة من بطاقة هويتها، كانت المؤشر الوحيد لمعرفة شيماء، التي وجدت المصالح المتخصصة صعوبات لتحديد هويتها بسبب الحروق التي تعرضت لها.
ساعات عن اكتشاف الجثة مفحمة بمحطة وقود مهجورة بالثنية، شرق العاصمة الجزائر، توصلت المصالح المعنية الى توقيف الجاني، وهو شاب في ربيعه الثالث، اسمه بوشناق عبد السلام، ومعروف باسم ريان.
واعترف الجاني بعد توقيفه مباشرة بالجرم المنسوب إليه، مشيراً إلى تفاصيل الجريمة، منذ بداية الاختطاف، حتى الوصول إلى محطة الوقود المهجورة بالمدخل الغربي لمدينة الثنية على حافة الطريق الوطني رقم 5 الذي يربط العاصمة بشرق البلاد.
ويعرف ريان الفتاة الصغيرة شيماء منذ سنوات، بحكم تعلقه بها، وحاول التقرب لخطبتها من والدتها عدة مرات، إلا أن شيماء كانت ترفض ذلك، بحكم صغر سنها، وتعلقها بمشواره الدراسي بحسب والدتها فروجة.
وذكرت الوالدة بأن شيماء كانت كثيرا ما تتعرض للتهديد من قبل الشاب وعائلته، خاصة بعد حادثة اغتصاب سابقة كانت في 2016، وصلت حد العدالة والحبس بالنسبة للجاني.
وقالت فروجة “كان ريان أو بوشناق عبد السلام، يضايق بشكل متكرر ابنتي شيماء، وكثيراً ما كانت تشتكي من تصرفاته، وتهديداته، خاصة بعد رفضنا تزويجه إياه، ويبدو أن الضغينة التي كان يحملها في قلبه تجاهنا هي ما قادته إلى ارتكاب الجرم الذي هزنا جميعا”.
وكشف وكيل الجمهورية، لدى محكمة بومرداس، بعض تفاصيل مقتل الفتاة شيماء، في لقاء إعلامي صباح الاثنين 5 أكتوبر.
وحسب المتحدث، فإن الجاني تقدم من مصالح الدرك بعد قيامه بالجرم ليبلغ عن قيام مجهولين حسبه بحرق الفتاة بمحطة البنزين المهجورة، أثناء غيابه لإحضار الأكل.
غير أنه بعد التحقيق اعترف باستدراجه لها لهذا المكان واغتصابها والاعتداء عليها بسكين ثم حرقها.
وقد قرر بعدها قاضي التحقيق بإيداعه الحبس المؤقت، بتهم الاغتصاب والقتل مع سبق الإصرار والترصد والتنكيل والتعذيب والأفعال الوحشية.
القاتل كان قد اغتصب شيماء في عام 2016، حينها كانت فقط في الـ 15 من عمرها، حينها وصلت القضية الى أروقة العدالة التي قضت بحبس الجاني 6 أشهر وغرامة مالية ب200 ألف دينار جزائري 1100 دولار.
تقول والدة شيماء أنها تعرّضت إلى “أقسى أنواع التهديدات من الجاني شخصياً من خلال أصدقائه إضافة إلى عائلته التي كانت في كل مرة تهدد بالانتقام”.
والدة شيماء تكذب الأخبار التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام عن كون الجاني، وبعد خروجه من السجن تمكن من اقناع شيماء بالعودة اليه، والزواج منها وقالت في هذا الشأن “شيماء كانت تتحاشاه كليا، ولم تكن ترغب فيه اطلاقا، الى أن قام بفعلته وجرمه الأخير”.
“لا شيء سيشفي غليلي غير القصاص، وتطبيق عقوبة الإعدام في حق ريان”، بهذه الكلمات أنهت الام فروجة كلامها مع Tiny Hnd،مطالبة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتطبيق أقسى العقوبات في حق هذا الوحش البشري كما وصفته، “ولن تكون هذه العقوبة أقسى من الاعدام” بحسب كلامها.
ويطالب حقوقيون ومحامون من الرئيس عبد المجيد تبون، إعادة العمل بعقوبة الإعدام، خاصة في حق مرتكبي جرائم اختطاف واغتصاب وقتل الأطفال، بعدما سجلت الجزائر ارتفاعا واضحاً في هذه الظاهرة السنوات الأخيرة.
ويقول رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان في الجزائر فاروق قسنطيني، إنه يعارض حكم الإعدام من حيث المبدأ، ولكنه يطالب بتطبيقه بحق من يعتدي على الطفل البريء فيحرمه من حقه في الحياة.
وصرح قسنطيني لـ Tiny Hand ” “أن الحكم بالإعدام على قتلة الأطفال وتنفيذه، من شأنه أن يردع كل من تسوّل له نفسه خطف طفل بريء وترويعه وترويع أهله، لذا لابد من عودة العمل بقانون الإعدام في حق هؤلاء”.
وقد ألغت الجزائر تطبيق عقوبة الإعدام توقف منذ إعدام أربعة إسلاميين عام 1993، ينتمون لـ”الجبهة الإسلامية للإنقاذ” اتهموا بتفجير مطار العاصمة في صيف 1992، وتم تجميد العقوبة بسبب ضغط منظمات حقوقية غربية، غير أنها لم تلغ من قانون العقوبات بدليل أن القضاة لازالوا ينطقون بها.
بعد أكثر من ستة أشهر من الحرب، لدى أطفال قطاع غزة العديد من الأسئلة التي لا يستطيع أهاليهم الإجابة عنها. متى ستتوقف الحرب؟ كم ليلة أخرى سينامون على الأرض؟ متى يمكنهم العودة إلى المدرسة؟ بعضهم لا يزال يسأل عن زملائهم الذين قتلوا.
…
“لم أتخيل أنّي سأقف يومًا أشاهد فيه طفلي، عكاز أيامي القادمة، طريحَ الأرض مضرجًا بدمائه، بين الحياة والموت، يغادر الحياة ببطء شديد بعد أن استنفد جسده النحيل كلَّ ما كان يحتويه من دماء!”؛ بهذه الكلمات يتحدث الخمسيني علي صغير المرهبي، الذي فقد ولده في جبال إحدى مناطق ريمة أثناء قيامه برعي الأغنام….
يونيو 12, 2023