اجتازت 8 دول على كرسيها المتحرك… القصة الملهمة لـ “فتاة من حلب”

“ليس صعباً أن تعود من الموت إلى الحياة، لكن الأصعب أن تأتي من سوريا إلى ألمانيا عبر ثماني دول وعلى كرسي متحرك”، هذه الجملة قالها بطل مسلسل Days of our lives عن الشابة نوجين مصطفى، عندما قرر أصحاب المسلسل إعادة تمثيل المشهد الأخير من أجلها.

 فهذه المرة لن يموت البطل، وستتغير النهاية التي أحزنت نوجين، لتكون نهاية سعيدة.

تماماً مثل نهاية الرحلة التي خاضتها نوجين على كرسيها المتحرك في أواخر العام 2015  نهاية سعيدة لمغامرة خطيرة لطفلة لم تتجاوز الـ15 عاماً.

ليست المغامرة فقط ما يستحق كل ذلك الإعجاب بل تفاصيل حياة نوجين والتحديات التي مرت بها وجعلتها  واحدة من أكثر 100 امرأة تأثيراً وإلهاماً في العالم  ضمن قائمة بي بي سي للعام 2018.

وفي هذا الحوار الذي أجرته Tiny Hand مع نوجين/ 21 عاماً سنأخذكم في جولة بحياة هذه الشابة الكردية، فهي باختصار قصة ملهمة!

لنبدأ من المحطة الأولى

المكان: الطابق الخامس في بناء قديم بحي الشيخ مقصود. حلب

الزمان: قبل العام 2012 أي قبل اندلاع الأحداث في البلاد.

العمر:  10 سنوات

في ذلك المنزل علّمت نوجين نفسها بنفسها، فبسبب إصابتها بالشلل لم تستطع ارتياد المدرسة، واكتفت بالتعليم الذاتي.

تعلمت اللغة الانكليزية من المسلسل الأمريكي  Days of our lives، وقرأت الكثير من الكتب العلمية والروايات والقصص القصيرة.

تختصر نوجين الكلام عن نفسها بالقول لـ “Tiny Hand” أنا “كردية من ذوي الاحتياجات الخاصة، حالمة ومحبة للتعلم، فضولية، وأحلامي كبيرة أسعى إلى تحقيقها”.

وبالفعل هذا ما قامت به نوجين، عندما قررت أن تخطو الخطوة الأولى والكبيرة نحو حلمها!

إلى المحطة الثانية

المكان: تركيا، اليونان إلى ألمانيا.

الزمان: العام 2015 بعد عامين من اندلاع الأحداث في سوريا

العمر:  15 عاماً 

في ذلك العام ومع ارتفاع وتيرة الأحداث في سوريا، قرر الكثير من السوريين مغادرة البلد نحو أوروبا، وبالطرق غير الشرعية!

ومنهم نوجين التي حسمت وشقيقتها الكبرى القرار، قرار الهجرة غير الشرعية، ولم تكن شقيقتها فقط من رافقها في رحلتها بل الكرسي المتحرك! 

تقول نوجين “قبل تلك المغامرة لم أكن أستخدم الكرسي المتحرك بشكل مكثف، لكن علاقتنا تطوّرت في الرحلة، فهو سيارتي ووسيلة النقل الخاصة بي، وهو جزء من حياتي أفتخر به لأنه يميزني عن الآخرين”.

فعلى هذا الكرسي المتحرك صعدت نوجين القارب المطاطي من تركيا باتجاه إحدى الجزر اليونانية ورافقها في كل محطة من محطات الرعب، ومشت عجلاته آلاف الكيلومترات وصولاً إلى ألمانيا بلد اللجوء التي تعيش فيه نوجين إلى اليوم، لتبدأ مرحلة جديدة في حياتها في مكان “لا يعتبرونني أقل منهم لأنني أستخدم هذا الكرسي المتحرك” تقول نوجين.

المحطة الثالثة والبدء بتحقيق الأحلام!

المكان: ألمانيا، كولونيا

الزمان: 2018

العمر: 16 عاماً

بعد عام من وصول نوجين إلى ألمانيا أصدرت كتابين شاركتها في تأليفهما الصحفية والكاتبة البريطانية كريستينا لامب، تتحدث فيهما عن رحلة الهروب من حلب إلى ألمانيا.

وعنها تقول نوجين “شعرت بمسؤولية كبيرة للتحدث عن الوضع في سوريا، وعن الأمور التي تجعلني مختلفة عن بقية الناس بسبب إعاقتي ولكوني كردية أيضاً وما مررت به في تلك الرحلة”.

وبالفعل كانت تلك الرحلة التي جعلتها محط أنظار وإعجاب الكثيرين.

 ففي عام 2019 أصبحت نوجين أول شخص ذي إعاقة تطلع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تجربتها خلال الحرب في سوريا والسياسة المتعلقة المعاقين.

وفي فبراير 2019، حصلت هذه الفتاة الكردية على جائزة أليسون دي فورج للنشاط الاستثنائي، منحتها هيومن رايتس ووتش.

ولكن الأهم من ذلك كله “الرعاية الصحية والخدمات التي حصلت عليها” تقول نوجين “الوضع مختلف تماماً هنا فيما يتعلق بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة”.

ففي ألمانيا، التي لم تندم لحظة على اللجوء إليها، ارتادت نوجين المدرسة للمرة الأولى في حياتها، وهي اليوم تسعى إلى الحصول على البكالوريوس.

المحطة الأخيرة في الحوار بين نوجين و Tiny Hand

نوجين مصطفى

في ختام الحوار مع نوجين وجهنا لها هذه الأسئلة:

ما هي أجمل فقرة في كتاب “فتاة من حلب“؟

تاريخ الحروب عادة ما يمجد القادة العسكريين والرؤساء أو أياً من كان في السلطة على الرغم أنهم سبب هذه المآسي.

 وعادة ما يتم نسيان الضحايا الذين يتم وضعهم في الأرشيف كأرقام وإحصائيات.

وفي هذا الكتاب فقرة أتحدث عن هذه الموضوع، وأعتبرها الفقرة المفضلة لدي.

ما هو أكثر أمر تشتاقين إليه في سوريا؟

الألفة والدفء في المجتمع السوري، فالحياة في ألمانيا تفتقد لذلك.

وأشتاق لمن بقي من أقربائنا في سوريا، والأمر الذي أضيفه هو شوقي للمطبخ السوري، لا أحب الأكل هنا!

ما هو حلمك؟

أن أستطيع إيصال أصوات اللاجئين وذوي الاحتياجات الخاصة للعالمية، وأن أؤثر بحياتهم ولو بشكل بسيط.

كلمة تقولينها لكل طفل، وخاصة اللاجئين أمام ما يمرون به، كيف يمكنهم مواجهة التحديات التي فرضتها الحرب عليهم؟

رغم أن الوضع مظلم وبائس تماماً كما يرونه، لكنني أقول لهم أن يواصلوا العمل وأن يؤمنوا بأنفسهم، وأن يعملوا بقدر الإمكانيات المتاحة.

لكل طفل عليك الإيمان بقدراتك، فأنت شخص مميز!

لا أحد يأتي إلى هذا العالم مجرد عدد، لكل شخص دور وتأثير وإن كان بسيطاً واقتصر على الدائرة المحيطة به.

ما هي مشاريعك القادمة؟ هل هناك كتاب جديد تحضرين له؟

نعم، هناك مشاريع لكنني لا أستطيع التحدث عنها الآن، سأفصح عنها في أكتوبر.