حادث غيّر حياتها: طفلة مغربية “تعمل” على كرسي متحرك

الكاتب: ماجدة آيت لكتاوي

تُجاهِد لتُحرك عجلات كرسي متحرك تجلس عليه، تقترب من السيارات المتوقفة عند إشارة المرور. بالكاد يظهر وجهها الأسمر الحزين عبر نافذة السيارة متسولة بضعة دراهم تُعينُ بها أسرتها المكونة من ستة أطفال هي أكبرهم ووالدين عاطِلَين عن العمل.

نُهى لم يتجاوز عمرها اثنتا عشرة سنة، إلا أن الوُجوم البادي على محياها ينبئُ أن ما اختبرته في أعوامها القليلة جعل منها فتاة بتجارب أكبر من عمرها بكثير.

تكحُّ الفتاة المقعدة عند انطلاق السيارات مخلِّفة غيمة من العوادِم، لتبتعد نحو الرصيف في انتظار السيارات اللاحقة، فيما توجه إليها سيدة نصيحة تقول “ابتعدي عن الطريق المزدحم حتى لا تصدمك إحدى السيارات”.

الشارع .. الكارثة

حادثة سير، هي ما قلب حياة نُهى رأسا على عقب، تعود بذاكرتها إلى سنوات خلت، ” كنت صغيرة جداً حين صدمتني سيارة أجرة (طاكسي)، فر صاحبها هاربا، ونادوا على والدتي حيث نُقلت إلى المستشفى بسبب إصابة بالغة على مستوى ركبتي” تقول لـ “Tiny Hand”.

بسبب فقر العائلة، لم يتم التعامل بحزم مع إصابة الصغيرة التي عادت إلى حركتها العادية وشغبها الطفولي بشكل عادي، إلا أن الأمور سرعان ما تدهورت، وباتت تعاني آلاما مبرحة تطورت إلى عرج خفيف ثم صارت الحركة صعبة جدا ما ألزمها الفراش شهورا طويلة”.

تتحسَّس نُهى رُكبتها المنتفخة، عليها آثار تقطيب قديم تعود للعملية الجراحية التي أجرتها والتي تكفل بها مواطنون من ذوي الأيادي البيضاء، إلا أن الطفلة لم تستكمل العلاج ولا الترويض ولم تقف على رجليها بعد ذلك أبدا.

“إنه كرسي جدتي المتوفاة، بات معيني على الخروج، أتسول حتى أستطيع إعانة والدتي وإخوتي الصغار، فأنا أكبرهم، ووالداي لا يعملان، أنا أساعد في إطعام أسرتي وسداد أجرة كراء الغرفة التي تُؤْوينا بأحد أحياء سلا”.

قوانين دون تنفيذ

نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، جمعت جميلة المصلي وزيرة  التضامن التنمية الاجتماعية والأسرة كبار المسؤولين الأمنيين والجمعويين للتباحث بخصوص استفحال ظاهرة تسول الأطفال أو التسول بهم بالشوارع المغربية. 

واتفقت الوزيرة المغربية، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، على خطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول، ترتكز على تعزيز حماية الأطفال من هذا النوع من الاستغلال.

عبد العالي الرامي، رئيس منتدى الطفولة بالمغرب، قال لـ “Tiny Hand”، إن ظاهرة التسول بالمغرب باتت مقلقة جدا، وفي تصاعد مستمر على الرغم من الإجراءات والبرامج الوطنية المتخذة.

“من المشين استغلال آباء وأمهات لأطفالهم حيث ترتفع الأعداد بشكل مهول بالمدن الكبرى كالرباط وسلا والدار البيضاء”.

وطالب الرامي، بحماية هؤلاء الأطفال الذين يتم المتاجرة بهم من طرف أسرهم سواء باصطحابهم إلى الشارع أو بتأجيرهم لمتسولين آخرين، حيث يكونون عرضة لمجموعة من المخاطر كالاستغلال الجنسي والاعتداء الجسدي والنفسي والمخدرات.

ودعا الفاعل الجمعوي في مجال الطفولة المسؤولين المغاربة إلى تجريم التسول بالمغرب وتفعيل القوانين وتنفيذها بصرامة.

بالعودة إلى نُهى، أصيبت عظام رجل الطفلة اليمنى بالتسوس وصارت أقصر من الأخرى، وتحتاج عملية جراحية ثانية عساها تحقق حلمها الصغير بأن تمشي وتقفز وتجري من جديد كباقي الأطفال.

“أريد أن أقف على رجليَّ وأن أعمل لأساعد والدتي وإخوتي، أما المدرسة فلا أعرف عنها أي شيء” تقول نهى بصوت كسير.