محمد الأسمر.. طفل سوري مرشح لجائزة السلام الدولية للأطفال لعام 2021

ماجدة أيت لكتاوي

لم يتصور الطفل محمد عزيز الأسمر، وهو يسجل فيديوهات رفقة أطفال المخيمات ويساهم في رسم جداريات على جدران المدارس والبنايات، أنه سيترشح يوما لـ”جائزة السلام الدولية للأطفال” لعام 2021، ليكون بذلك الطفل السوري والعربي الوحيد المرشح.

وتم ترشيح الطفل السوري البالغ من العمر 13 عاما من طرف “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، نظرا للجهود الكبيرة التي بذلها من أجل نقل معاناة الأطفال السوريين ولا سيما الأطفال الذين تعرضوا لانتهاكات من قبل النظام السوري وحلفائه.

وأعلن الموقع الرسمي لـ”جائزة السلام الدولية للأطفال  (Kids Rights)”عن 169 مرشحا من 39 دولة للجائزة عن عام 2021، من بينهم محمد أسمر الذي يعتبر الطفل العربي الوحيد المرشح للجائزة.

يقف الطفل محمد بكل ثقة، متوسطا مجموعة من الأطفال ذوي ثياب رثة وشعر مُغبرّ، ووراءه يظهر المخيم، متحدثا عن العديد من القضايا المتعلقة بالأطفال الصغار وما يعانونه جراء ويلات الحرب ومخلفاتها على جميع مناحي حياتهم اليومية وكذا مستقبلهم مُبهم المعالم.

يسلط الطفل محمد أسمر، المنحدر من مدينة بنش في محافظة إدلب شمالي سوريا، الضوء على مجموعة من القضايا الشائكة عبر فيديوهاته المصورة والمنشورة على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، متحدثا بلغة انجليزية أنيقة عن الهدر المدرسي وعمالة الأطفال وزواج الفتيات المبكر (زواج القاصرات) والعنف الاقتصادي والنفسي والجسدي ضد الأطفال.

عزيز أسمر، والد الطفل محمد، أكد لـ tiny hand أن ابنه يواكب الأحداث ويتحدث عن معاناة أطفال المخيمات التي يزورها باستمرار، وتم ترشيحه من قبل “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، يحكي الوالد قائلا: ” ترشيح محمد كان بفضل شريط فيديو كان يتحدث فيه عن خطورة إغلاق المعابر على قاطني المخيمات وتحديدا الصغار”.

بالنسبة لعزيز أسمر، وهو فنان تشكيلي سوري، فإن ابنه محمد نجح في إيصال صوت الأطفال للعالم، مُعتبرا أن مجرد ترشيحه هو “انتصار للمحرر رغم قصف النظام وقتله للأبرياء” وفق تعبيره.

ومن اللافت أن محمد يمتلك طاقات ومواهب عديدة، منذ كان في الرابعة من عمره إذ كانوا يلقبونه بالآلة الحاسبة البشرية، حيث كان يجيب على عمليات حسابية تصل نتائجها ل7 أرقام، كما يجيد لعبة الشطرنج ويفوز على خصومه منذ عمر مبكر وحتى قبل أن يلتحق بالمدرسة، يقول والد الطفل محمد لـ tiny hand:” أكثر من طبيب وصفوا طفله بكونه طفرة وأن إمكانيات طفل في مثل عمره تكون نادرة”.

حين تلقت أسرة أسمر خبر ترشيح ابنها لجائزة دولية للسلام، كان محمد الأشد فَرحا، أما بقية أفراد العائلة فاعتبروا أن التَّرشيح هو توفيق من الله ومكافأة لمحمد على جِدِّه واجتهاده.

 “عندنا ثقة بقدرات محمد وقناعة بأنه جدير بالمنافسة خصوصا وأن المنافسين يعيشون وضعا طبيعيا على عكسه، ورغم ذلك إلا أنه يُبدع رغم ظروف الحرب القاهرة”.

أحلام محمد وطموحاته لا سقف لها، ويعتبر مسألة ترشيحه مجرد البداية، وهو الذي يرغب في  أن تصل رسائله لشعوب العالم وللمجتمع الدولي بضرورة إيقاف الحرب في سوريا ومعاقبة كل من قتل الأطفال وتسبب في تهجيرهم.

ويشعر محمد بأنه مسؤول عن الأطفال، لذلك يزور المخيمات بصفة مضطردة ويتعرف إلى الأطفال ويتبادل معهم ما تعلمه واكتسبه من مهارات ويتعلم منهم، وينقل واقعهم. كما يساعد الأطفال الذين يعانون من إعاقات نتيجة الحرب على إعادة دمجهم في المجتمع المحيط والعودة إلى حياتهم الطبيعية.

وكذلك يرسم محمد مع والده رسومات “جرافيتي” على المباني التي تعرضت للقصف والهدم في محافظة إدلب، وينشر صُورًا لها على مواقع التواصل الاجتماعي ليوجه رسالة إلى العالم بوقف العمليات العسكرية.

ولأن اللغة الانجليزية هي الأكثر تداوُلا في العالم، يُجهد محمد نفسه لإتقانِها من أجل أن يوصل من خلالها رسائله الإنسانية عبر العالم عن ذوي الاحتياجات الخاصة ومبتوري الأطراف نتيجة الحرب والقصف وعن أحلام الصغار وهمومهم، أما المشرف عليه في اللغة الانجليزية في “معهد yes   ” ومديره الأستاذ عمر الأسمر ويصور فيديوهاته الإعلامي محمد حاج قدور.

مواهب متعددة، يملكها الطفل محمد المتميز، فهو ذو ذاكرة تصويرية تساعده على حفظ وتخزين المعلومات، بحيث حفظ القرآن خلال فترة قصيرة، ولدى محمد إصرار على إتقان ما يتعلمه كالسباحة والخط والهندسي. كما يهوى الرياضيات وعالم الأرقام ويحلم بأن يكون أستاذا للرياضيات ومديرا لمركز يعلم الأطفال الحساب الذهني.

وتُمنح جائزة السلام الدولية منذ العام 2005 سنوياً، لطفل ناضل من أجل الدفاع عن حقوق الأطفال، ويتم تسليمها من قبل جمعية الفائزين بجائزة “نوبل”، وكانت قد مُنحت الجائزة العام الماضي لطفل من بنغلادش.

وأُطلقت من قبل مارك دولايرت، رئيس منظمة حقوق الطفل العالمية، خلال مؤتمر القمة العالمي للحائزين على جائزة “نوبل” للسلام في روما، وتوفر الجائزة منصة للأطفال للتعبير عن أفكارهم ومشاركتهم الشخصية في الدفاع عن حقوق الطفل.