“وضعوا رجلاً في سريري عوضاً عن دميتي”، قصة لانا “الزوجة الطفلة”

فجأة وبدون سابق إنذار خٌطفت الدمية من بين يدي الطفلة لانا، ليوضع في إصبع يدها اليسرى خاتماً “لقد تمت خطبتك لهذا الشاب”، قال لها والدها!

وقبل أن تنطق تلك الطفلة التي لم تتجاوز الثالثة عشر من عمرها بكلمة تعبّر عن رفضها للموضوع حسم والدها الأمر، “أنا قررت ولا تراجع عن ذلك!”.

لم تكن الدمية فقط  ما خسرته لانا في تلك الليلة بل مدرستها أيضاً وبلدها سوريا التي نزحت منه إلى لبنان، فقد تزوجت الطفلة في السنوات الأولى من اندلاع الأحداث في سوريا.

الحرب كانت سبباً أيضاً في خسارة هذه الزوجة الصغيرة لزوجها بعد فترة قليلة من زواجهما، لتجد نفسها زوجة لأخيه! وهذه المرة أيضاً لم تشارك هذه الطفلة في القرار.

قصة لانا هي واحدة من قصص كثيرة شاركتها معنا حملة “لا تكبرونا بعدنا صغار “، عن فتيات قاصرات وجدن أنفسهن في غرف صغيرة مع رجال لا يدركن ما هي مهمتهن ولا مالذي أوصلهن إلى هنا!

ولكن الفرق بين أولئك الفتيات ولانا أن تلك الطفلة قررت أخيراً تغيير قصتها البائسة، وتقدّمت بطلب الطلاق رغم أنها أم لطفلين.

تقول لانا “والدي رفض عودتي مع الطفلين، أجبرت على تركهما مع والديهما”، قرار ليس بالسهل وهو ما دفع لانا لتشارك في حملة “لا تكبرونا بعدنا صغار” في لبنان وتشارك قصتها مع الجميع تقول “ربما لم يسمعني أحد في كل مرة تم تزويجي فيها، لكنني واثقة أن هناك من سيسمع هؤلاء الفتيات ويمنع تزويجهن”.

وهذا بالفعل ما قامت به هذه الحملة التي بدأت عملها قبل قرابة عام في مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان بشكل خاص، والسبب “أن في هذا المكان يتم تزويج 40% من الفتيات اللاجئات وهن لا يزلن بعمر الطفولة” يقول أنس تللو المنسق الإعلامي في الحملة.

ويضيف لـtiny hand أن حملات التوعية التي قامت بها هذه المجموعة ساهمت في منع العديد من حالات الزواج منهم “150 عائلة تراجعت عن تزويج بناتها القاصرات، وإضافة إلى ذلك وقعت 1800 عائلة ضد تزويج القاصرات”.

المميز في هذه الحملة قيام  هذه العائلات بنسخ شعار الحملة المكتوب باللون الأحمر “لا تكبرونا بعدنا صغار” على جدار المنزل أو قماش الخيمة. 

المهمة هنا ليست سهلة أبداً وخاصة أنه في لبنان يعيش في أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري ومناقشة موضوع بهذه الخصوصية يحتاج طرقاً مختلفة، منها مشاركة لانا وكثيرات مثلها قصصهن مع أهالي الفتيات.

ويعمل المشرفون على هذه الحملة مع رجال الدين وأهالي ندموا على تزويج بناتهم ليساهموا في نشر التوعية حول مخاطر زواج الأطفال وانعكاساته.

ومن خلال تسجيل فيديوهات تشرح تلك المخاطر ونشرها على السوشال ميديا.

هو ليس زواج مبكر بل “اغتصاب”

وهذه قصة أخرى لإحدى الفتيات ضحايا الزواج المبكر وهي جزء من الحملة:

كنت بعمر السادسة عشرة، كان حلمي حينها ارتداء الفستان الأبيض، الفستان الذي كان حلماً لكثيرٍ من الفتيات في بلدتنا، فكُلُّ أحاديث النساء والفتيات في الاجتماعات والزيارات والحفلات كانت تدور حوله، لدرجة تحوّل مجرّد قماشة بيضاء إلى حلم يشغل بال معظم الفتيات بدلاً من حلم النجاح بالعلم والاستقلال بالعمل. شجّعني والدي حينها لأخذ القرار وقبول الزواج بأحد المتقدِّمين، بينما كانت والدتي رافضةً للفكرة بشكل تام، ولكنني لم أستمع إليها، فالفستان الأبيض كان هو فقط بين عينيّ.

في ليلة زفافي، لم أنسى حتى اليوم كيف رفضت والدتي توديعي على عتبة المنزل، تمنيت لاحقاً لو كانت والدتي أشد بموقفها في تلك اللحظة، ومنعتني من عبور العتبة اللعينة.

عشتُ بعدها حياةً أكبر من طفولتي، وبدأتُ بإنجاب الأطفال، وبدأ السواد يشوب حلم الفستان الأبيض. لم أتحمّل أن يقتصر دوري الاجتماعي على ربة منزل فقط، بل أصررتُ على الخروج إلى العمل، ولكن خروجي هذا اصطحبه الكثير من المشاكل الزوجية التي استطعتُ إلى حدٍ ما التعايش معها، ولكن ليس إلى زمنٍ بعيد، فبعد لجوئي مع عائلتي إلى لبنان بسبب ظروف الحرب، تضاعفت تلك المشاكل وبلغت ذروتها. 

في لبنان، عملتُ بلا تعبٍ أو كلل لإعالة أسرتي الصغيرة في بلد اللجوء، بينما كان زوجي عاطلاً عن العمل، اضطررتُ بعدها إلى اتخاذ قرار الطلاق بعدما اكتشفت خيانته لي أثناء عملي خارج المنزل، والأهم أنّ هذا القرار قد جاء بعد تكرار طليقي لتجربتي القاسية، ولكن هذه المرة لم تكن معي، بل كانت مع ابنتي الصغيرة، حيث قام بتزويجها بعمر الرابعة عشرة فقط، وعادت مطلقة ومريضة بعد عدة سنوات من الزواج.

بعد أكثر من خمس وعشرين عاماً استطعتُ أنا الطفلة الأم إنهاء هذه التجربة، ولكنني لم أستطع ولن أستطيع إنهاء آثارها الطويلة التي تتعدى الخمس والعشرين عاماً.

أنا اليوم جزء من هذه الحملة لأنني متأكدة بأن تجربتي ستكون رادعاً لكثير من الفتيات اللواتي يحلمن بذلك الفستان الأبيض.

وأنتم هل تعرفون قصصاً أيضاً تشاركوها معنا كي ننشر الوعي حول الزواج المبكر؟ 

أرسلوها عبر الايميل: [email protected]