“لا أرغب بشيء سوى العثور على ابني”: الرماد الذي خلّفه حريق في أكبر مخيمات العالم

كانت حليمة داخل مأواها في مخيم كوتوبالونغ للاجئي الروهينغا مع أولادها الخمسة عندما جذبها صوت صراخ من الخارج، وقالت: ”عندما خرجت، رأيت نيراناً تتجه نحونا“.

أصاب حليمة حالة من الشلل بسبب الخوف والتردد، لكن عندما بدأ أطفالها في البكاء والصراخ، أمسكت بهم وبدأت في الجري: ”حملتهم بقدر ما أستطيع، ولكن كيف لي أن أركض وأن أحمل أربعة أطفال في وقت واحد؟“

طلبت من أربعة من أطفالها الانتظار بينما هرعت إلى مأواهم مع أصغرهم في محاولة لإنقاذ بعض حاجياتهم: ”بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى هناك، كان منزلي مشتعلاً. حاولت التقاط بعض الأشياء التي نحتفظ بها في صندوق، لكنها كانت ثقيلة جداً أثناء حمل طفلي أيضاً“.

تخلت عن الصندوق وعادت إلى أطفالها الآخرين. ولكن ما أثار فيها الرعب هو أنهم لم يكونوا حيث تركتهم.

وقالت: ”بينما كنت أشاهد الناس وهم يصرخون ويركضون ذهاباً وإياباً، شعرت كما لو كان عالمي يتحطم. لم أكن أعرف مكان زوجي، لقد تاه عني أطفالي الأربعة، واشتعلت النيران في منزلي“.

اجتاح الحريق الذي فصل حليمة عن زوجها وأطفالها منطقة كبيرة من كوتوبالونغ، وهو أكبر مخيم للاجئين في العالم ويقطنه أكثر من 700 ألف لاجئ من الروهينغا من ميانمار الشهر الماضي.

بحلول الوقت الذي تم إخماده فيه في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي كان الحريق قد قضى على أكثر من 9,500 مأوى، فضلاً عن المراكز الصحية ونقاط التوزيع ومراكز التعلم، مما ترك حوالي 45,000 لاجئ دون سقف فوق رؤوسهم.

بعد أربعة أيام، تم تأكيد وفاة 11 لاجئاً، لكن لا يزال هناك أكثر من 300 شخص في عداد المفقودين وما زال عشرات الأطفال منفصلين عن عائلاتهم.

عثرت حليمة في النهاية على أحد أطفالها مع حمات ابنتها الكبرى ثم تعقبت زوجها. وبعد يومين، سمعت أسماء اثنين من أبنائها يتم الإعلان عنهما عبر مكبر للصوت لتتمكن من الاجتماع بهما، لكن أحد أبنائها لا يزال مفقوداً.

وقالت: ”لا أرغب بشيء سوى العثور على ابني ثم البدء بحياة جديدة“.

في الأيام التي أعقبت الحريق، قدمت المفوضية، جنباً إلى جنب مع السلطات البنغلاديشية والمنظمة الدولية للهجرة ووكالات الإغاثة الأخرى، المساعدة لعشرات الآلاف من اللاجئين من أجل بدء العملية المضنية المتمثلة بإعادة بناء حياتهم من الصفر.

وقد تكدس بعض من شردتهم النيران في مآوٍ مع أقاربهم في حين تم إيواء آخرين في مآوٍ مؤقتة طارئة إلى حين إعادة بناء منازلهم. وتوزع المفوضية المواد الأساسية كالبطانيات وأواني الطبخ والمصابيح بينما يقدم برنامج الأغذية العالمي وجبات ساخنة. كما تم وضع مراحيض طارئة وصنابير فيما تعالج الفرق الطبية المتنقلة اللاجئين المصابين بالحروق.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية في كوكس بازار، لويز دونوفان، إن أحد أكبر الاحتياجات كانت تتمثل بتقديم الإسعافات النفسية الأولية للاجئين، والذين عانى الكثير منهم من الصدمات عندما أجبروا على الفرار من ميانمار في عام 2017.

وقالت: ”من المهم للغاية أن تقدم المفوضية، برفقة شركاء إنسانيين آخرين، المساعدات الأساسية، إضافة إلى الدعم النفسي للأشخاص الذين عانوا من الصدمات مراراً وتكراراً“.

تحول كل شيء إلى رماد. نحن بحاجة إلى أن نبدأ من الصفر!

فرت رقية بيغوم، البالغة من العمر 27 عاماً، وليس معها سوى وثائقها وأطفالها عندما انتشر الحريق في المبنى الذي تقيم فيه في المخيم. نجت هي وعائلتها دون التعرض لإصابات، على الرغم من تفرقهم لساعات في ظل الفوضى، لكن رقية قالت إنها رأت آخرين تشتغل بهم النيران، بمن فيهم أحد الأطفال: ”لقد كان مشهداً مروعاً، لكننا لم نكن نجرؤ على الذهاب لإنقاذه“.

تقيم رقية الآن هي وعائلتها مع حماتها. وحالها حال حليمة، فقد خسرت كل شيء: ”تحول كل شيء إلى رماد. نحن بحاجة إلى أن نبدأ من الصفر“.

التقرير من: UNHCR