اقتنى ألعاباً إلكترونية لأطفال مغاربة مصابين بـ “كورونا”، قصة ممرض يعالج ويلعب مع المرضى

تقرير من: ماجدة آيت لكتاوي

“كنت أشاهد يومياً نظراتهم الهائمة وملامحهم المتسائلة عن هوية الشخص الموجود وراء البدلة والنظارات الواقية كلما وقفت أمامهم، لذلك فكرت في تخصيص قاعة للألعاب بجناح الأطفال المصابين بـ “كوفيد 19”.

هكذا فتح الممرض المغربي ياسين النحامي، 27 عاماً، قلبه لـ “Tiny Hand”، بعد أن انتشرت صورة له على مواقع التواصل الاجتماعي، مع أحد الأطفال المغاربة المصابين بفيروس “كورونا”، بقلب مستشفى الأطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي “ابن سينا” في العاصمة الرباط، وهو يشاركه اللعب.

لم يفكر ياسين كثيراً، وهو الذي يوجد في احتكاك يومي ومباشر مع قرابة 20 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 3 سنوات و13 سنة، قبل أن يتقدّم بطلب لمدير المركز الجامعي “ابن سينا”، من أجل تخصيص قاعة للألعاب بجناح الأطفال وهو ما كان فعلاً.

شاشات وألعاب “بلاستيشن”

” اقتنيتُ شاشَتَي تلفاز وألعاباً إلكترونية “بلاستيشن”، وأقلاماً وأوراق الرسم والعجين الملون من أجل الأطفال صغيري السن، لقد زرع هذا في قلوبهم الصغيرة الفرح ورسم على وجوههم ابتسامات واسعة” يقول ياسين.

إطار تمريضي اسمه ياسين في أحد المستشفيات المغربية يلعب مع أحد الأطفال المصابين بڤيروس كورونا. هو من جلب جهاز اللعب. شكل جميل جدا من أشكال العطاء في هذه الطرفية التي يمر منها العالمشكرا ياسين

Posted by Farah Achbabe on Wednesday, April 15, 2020

ياسين كان حريصاً على التأكيد أن أموال اقتناء المستلزمات والألعاب ليس من ماله الخاص بل من تمويل الجمعية التي يرأسها “أول خطوة”، حيث كان المبلغ مخصصا لأطفال ممن يعانون تشوهات على مستوى الأقدام، إلا أن الحجر الصحي حال دون ذلك، ليقوم الممرض الطبي بتحويلها لفائدة أطفال “كوفيد “19.

واقع غامض .. بدده اللعب

لم يتحمل ياسين، النظرات الموجهة إليه كلما دخل على هؤلاء الأطفال، ” أنا وزملائي أقرب إلى رواد الفضاء منا إلى ممرضين، فلا يعلم هؤلاء الأطفال هوياتنا ولا يرصدون ملامحنا، ولا يتمكنون حتى من رؤية وجوهنا وتعبيراتها”.

هذا المجهول الذي يعيشه المصابون الصغار بفيروس “كورونا”، زيادة على عدم درايتهم بما يحدث لهم بالضبط، بعد أن نُقلوا على حين غرة إلى داخل المستشفى بعيدا عن آبائهم ودون دراية كافية حول أسباب احتجازهم، دفع الممرض الشاب إلى التحرك بطريقة إيجابية.

بالنسبة للممرض صاحب المبادرة، فإن للعب والرسم وقعا إيجابيا على الأطفال ومناعتهم وحالتهم النفسية التي من شأنها أن تتحسن ما يُعينهم على الاستشفاء بطريقة أفضل وأسرع.

يجتمع الأطفال الصغار داخل القاعة المخصصة للعب والأنشطة بالدَّور، فيما يحرص الممرضون على ترك الألعاب جانبا والتركيز على أوقات العلاج حين مرور الأطباء يوميا بشكل يتكرر من 4 إلى 5 مرات.

ياسين النحامي، يُصر على أن مبادرته جاءت تتويجا للمجهودات الجبارة التي يقوم بها الطاقم الصحي بالمستشفى، لافتا إلى أن الأطفال مصابي “كورونا” يتمتعون بمعاملة خاصة وبعناية طبية على أعلى مستوى.

لا مكان للمرض .. حيث الفرح والمرح

يحكي ياسين النحامي لـ “Tiny Hand” عن الأجواء داخل الجناح قائلاً، ” رغم المرض فالواقع ليس شديداً على الأطفال المصابين، يمتلئ المكان بمرح طفولي وشغب جميل وضحكات بريئة ليتكلل الأمر بلعب ممتع جعلهم مرتاحين أكثر”.

الصورة المنتشرة للممرض المغربي يشارك اللعب رفقة أحد الأطفال المصابين ليس وليد الصدفة، فياسين يخصص وقتا للعب والبقاء مع الأطفال المرضى، “أنتهي من معاينتي لهؤلاء الصغار، وأستمر بالحديث واللعب معهم لنصف ساعة أو 45 دقيقة أخرى”.

ياسين يعتبر أن هذا الوقت الإضافي يدخل في خضم العلاج الإيجابي ورفع المعنويات ما سيُمكن الأطفال من التعافي سريعا، وهي فرصة يستغلها الصغار ليتعرفوا أكثر على ياسين والمزاح معه، وطلب تقييمه لرسوماتهم.

ولأنه حيث ما كانت الأجواء مفعمة بالفرحة والمعنويات الإيجابية، فلابد للأمل أن يبقى، فقد تعافى 3 أطفال من أصل 20 وغادروا المستشفى فيما يستعد اثنان آخران للمغادرة قريبا.