أطفال “أثر الفراشة” يرسمون جداريات مُبهِجة ببغداد القديمة

ماجدة أيت لكتاوي

رسومات طبيعية ومساجد بقِباب ذهبية ونساء وطفلات بعيون كبيرة وجميلة، كلها مشاهد مرسومة على جدران المدينة القديمة، أبدَعتها أنامل رسامين محترفين إلى جانب أطفال مبدعين يتلمَّسون أولى سلالم الشغف بالفن التشكيلي والجداريات.

إنهم أعضاء فريق “أثر الفراشة” العراقي، الذين رسموا أكثر من 1500 لوحة جدارية خلال أربع سنوات مرت على تأسيسه، ولا يزال طُموحهم كبيرا في تزيين الأزقة والحارات الشعبية الفقيرة والمدارس ورياض الأطفال، عساها تمسح القليل من قُبح وويلات الحرب والأوضاع غير المستقرة.

علي خليفة، مسؤول فريق “أثر الفراشة”، أوضح لـ Tiny Hand أن سبب هذه التسمية يعود إلى أن الفريق كان يبحث عن اسم فيه كلمة (أثر) مثلا أثر جميل، يتابع المتحدث “أثناء بحثنا وجدنا أن “أثر الفراشة” هي عنوان قصيدة كتبها الشاعر محمود درويش، فضلا عن كون الاسم له معان أخرى علمية مثل تأثير الفراشة الذي يعني أن الأثر الصغير يكبر في المستقبل ويصبح أثرا كبيرا جدا”.

المبادرة الفنية التي دشنها الشباب العراقي، سرعان ما ذاع صيتها بين سكان المنازل في أحياء بغداد القديمة.

يَذكُر خليفة كيف طلبت منهم أسرتان الرسم على جدران منزليهما، وما أن اكتملت الرسومات حتى توالت عليهم الطلبات من البيوت المجاورة، ولم ينتهوا من العمل حتى قاموا برسم جداريات على منازل الزقاق بأكمله.

لا يقتصر فريق “أثر الفراشة” على الرسامين والتشكيليين البالغين والمتمرسين، بل يعمد إلى إشراك الأطفال، فـ “أثر الفراشة” تضم فريقا من الأطفال يساهمون برسم الجداريات المبهجة، كما يجعلون أطفال الأزقة يشاركون في الرسم والتلوين.

يقول علي خليفة متحدثا لـ”tiny hand”، “تكون ردة فعل الأطفال المشاركين رائعة وعظيمة، فهم يشجعوننا أكثر على الإبداع وتزيين الجدران، يكونون سعداء جدا برسوماتنا”.

وتتنوع الجداريات التي يرسمها فريق “أثر الفراشة”، بين صور لشخصيات أدبية وفنية عراقية مشهورة، وبين رموز التراث البغدادي القديم، يُجمِّلون بها منظر الجدران، ويؤكد قائد الفريق أنهم غير تابعين لأي جهة معينة، وأن حبهم لهذا العمل يجعلهم مستمرين إلى الآن ويسعَون دائما لتطوير الأفكار وتجديدها.

ويعمل الفريق التطوعي، على رسم جداريات ذات ألوان زاهية تحمل الطابع التراثي والجمالي، ويحرصون على بعث مجموعة من الرسائل عبرها لأنها تكون أمام الناس وأقرب إليهم، ويحثون الآخرين على العمل التطوعي، ما حذا بالكثير من النساء والشباب إلى الانضمام للفريق وخاصة في الآونة الأخيرة.

لم يتوقف فريق “أثر الفراشة” خلال فترة الحظر الصحي بسبب جائحة “كورونا”، بل سخَّروا إمكانياتهم الفنية من أجل التوعية بالإجراءات الاحترازية، يقول الشاب العراقي، “بعد الموجة الثانية من وباء كورونا اشتغلنا شهورا على واجهات المنازل برسوم لبغداد لتجميل المشهد في تلك الأحياء القديمة”.

ويخطط الفريق إلى زيادة عدد الرسومات الجدارية، ولم لا السفر خارج البلاد لنشر الرسومات التراثية الخاصة بالعراق إلى جانب البلدان الأخرى.

مبادرات الفريق الشبابي المبدع، نالت استحسان المسؤولين ببغداد، وعمد أمين بغداد علاء معن، إلى التوجيه بتطوير عدد من أزقة بغداد القديمة في منطقة الأنباريين في الكاظمية، تثميناً للمبادرة التطوعية التي زينت جدران الأزقة بلوحات فنية تراثية من إبداع “أثر الفراشة” كما أثنى على عملهم في تزيين واجهات الدور ببغداد القديمة”.