“كورونا القاتل” الذي يخاف منه أطفال المخيمات السورية و”يكرهونه”!

تصوير: بكر القاسم

تحرير: ماجدة آيت لكتاوي

تقتنص أسينات وهزار وقتا للعب داخل الخيمة، لا يعكر صفو لهوِهما الممتع إلا حديث عن وباء فيروس كورونا، يتناقله والداهما والجيران وكل من في المخيم.

لا تغادر الشقيقتان الخيمة، إلا في اتجاه المغسلة بعد توصيات عديدة بضرورة تنظيف اليدين وعدم الاحتكاك بالجيران، إلا أن هذه التوصيات تبقى ترفاً داخل المخيم في غياب تام لإمدادات الماء.

ففي ظل ظروف عيش صعبة وخيم من الأغطية والبلاستيك لا تحتوي على أدنى درجات الرعاية الصحية، يبقى انتشار فيروس كورونا في مخيمات اللاجئين السوريين، في حال حدوثه، مأساة حقيقية.

لا أحب كورونا

تجلس هزار، في التاسعة من عمرها، بهدوء داخل الخيمة المهترئة، تقضم قطعاً من التفاح وتتابع حديث والدها عن الأوضاع بقبر فضة في سهل الغاب قائلا “نعيش مأساة هنا”، قبل أن تستطرد والدتها، ” الحمد لله، هذا ما كتبه الله علينا وكل شيء بأمره”.

بالنسبة للطفلة التي تتابع دراستها بالصف الثاني، فإن المأساة هي أن يصاب أحد الصغار بالمخيم بالفيروس الذي يصفه الكبار بكونه “مميتاً وقاتلاً”.

تقول هزار، أحرص على البقاء في “البيت” طيلة الوقت، أما إذا اضطررت للخروج فأضع يدي على فمي، وأقوم بغسل يدي بالمغسلة المشتركة عدداً من المرات.

وعلى الرغم من أن غسل الأيدي من بين أكثر الإجراءات الوقائية من الفيروس، إلا أن الأمر غير ميسر دائما بسبب انقطاع الماء وعدم توفره بشكل كاف داخل الخيام، ما يهدد آلاف الأسر السورية رفقة أطفالهم.

أما بالنسبة لأسينات الصغيرة، 6 سنوات، فإن خوفها من كورونا المستجد، تضخم حتى أصبح كراهية لهذا الفيروس، الذي وصفته بكونه “قاتلا للأطفال”.

بلا تجهيزات ولا تعقيم

حَنَق والد الطفلتين لم يكن اعتباطيا، حين وصف الحال بـ “المأساة”، فعلى مدار 9 سنوات من الحرب الطاحنة بسوريا تعرضت المستشفيات والتجهيزات الطبية إلى التدمير، ما يجعل المواجهة مع فيروس كورونا المستجد بسلالتين عدوانيتين شبه محسومة أمام الفرق الطبية.

 ميستي بوسويل، مديرة سياسات الشرق الأوسط في لجنة الإنقاذ الدولية، قالت إن  “جميع الأشياء الأساسية التي تحتاجها لتجنب تفشي الفيروس ناقصة”.

 ولا يتعلق الأمر بضعف الأنظمة الصحية في مخيمات اللاجئين -التي يحذر الخبراء من أنَّ الفيروس سيجتاحها- بل بغياب هذه الأنظمة تماماً في كثير من الأحيان.

وتواجه الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة مهمة محاولة حماية 70 مليون نازح عالمياً من فيروس رزحت تحت عبئه أفضل أنظمة الرعاية الصحية في العالم.

لاجئون .. الخاسر الأكبر!

 أما في الشرق الأوسط، فقد اضطر ملايين الأشخاص إلى الفرار بسبب الحرب في سوريا، والقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وغيرها من النزاعات، ولا يزال هؤلاء مشردون في مخيمات عشوائية أومبانٍ مكتظة أو غير مكتملة.

وتُكثف مجموعات الإغاثة عملية توزيع الصابون والمياه ونشر المعلومات عن الفيروس في جميع أنحاء المنطقة. كما تُرَش المخيمات بالمطهرات، فيما يبذل السوريون في المخيمات قصارى جهدهم لاتباع الإرشادات الصحية.

وأطلقت “وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين” مناشدة بقيمة 33 مليون دولار للتعامل مع الأزمة، ولكن العديد من الدول التي كانت تستجيب عادةً بالتبرع تكافح حاليا لاحتواء تفشي الفيروس.

وعليه سيواجه اللاجئون منافسة غير مسبوقة على الموارد الطبية الطارئة، إذ ترسل منظمات مثل “أطباء بلا حدود”، التي عادة ما تساعد الأكثر استضعافاً في العالم، فرقاً إلى أماكن مثل إيطاليا، ما يجعل اللاجئين والنازحين الأكثر اقترابا من الخسارة.

بدوره، وضع برنامج “الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة” -الذي يقع مقره في روما، التي خرج فيها تفشي جائحة كورونا المستجد عن السيطرة- إرشادات جديدة لتوزيع الغذاء هذا الأسبوع تتضمن قواعد عدم الاتصال، وفحوصات إلزامية لدرجات الحرارة، وتعليمات لصنع محلول غسل اليدين بنسبة 0.5% من الكلور ليستخدمه متلقو المساعدة.

“يركز الجميع بشدة على ما يحدث في بلادهم، لكن هذا الفيروس لا يعرف حدوداً” بحسب برنامج الأغذية العالمي wfp.