في اليوم العالمي للطفولة.. لا طفولة في اليمن

كاتب مقال الرأي: اليمن- آية خالد

يحتفي العالم اليوم باليوم العالمي للطفل ومن المفترض أن تحتفي اليمن أيضًا بهذا اليوم، لكن الأوضاع البائسة التي تعيشها اليمن منذ 7 سنوات جعلتهم يتناسون الطفولة والحرب اقتحمت حرمة الأطفال وحرمتهم من كل حقوقهم التي يعتبرها العالم من أسهل الحقوق.

في بلد يُعاني كاليمن وكل يوم أحداث جديدة فيه، حين تبحث عن آفاق لفتح نافذة جديدة للطفولة تهتم بقضاياهم وتحاول إبعادهم ولو بنسبة بسيطة عن الحرب والواقع الناري، تجد سخرية ولا مبالاة من بعض المجتمع؛ بحجة ” الناس لا تجد ما تأكل وأنتم تفكروا بالطفل؟ عُدمت القضايا يعني!” هذا الرد الذي نجده دومًا لا سيما عند تقديم فكرة برنامج تلفزيوني لإحدى القنوات اليمنية، بإعتقادهم أن المرحلة الآنية ليست للطفل بل هناك قضايا ومشاكل أهم بكثير منه.

مؤخرًا بدأت المواقع الإلكترونية تهتم بهذا الجانب قليلًا وظهرت منصات متخصصة بمواضيع الطفل، لكن تبقى المشكلة في عدم وجود صحفيين يمنيين متخصصين في هذا المجال، وتحاول جهات صحفية تدريبهم بأساسيات صحافة الطفل، وهذا قد يُخفف عشوائية العمل دون دراية بأساسيات إعلام الطفل.

وكانت قد نشرت منظمة اليونسيف في تقريرها للعام 2021 أن اليمن يمتلك أكثر من 3,600 طفل مجند ضمن الجماعات المسلحة، وأكثر من مليوني طفل خارج المدارس،  و400,000 طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغدية الحاد، 10,2 مليون طفل بحاجة للرعاية الصحية، 11,3 طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية، و8,1 طفل بحاجة إلى دعم تعليمي طارئ، و72.5% من الفتيات يتزوجن في سن مبكرة (دون سن 18).

أُضيف إلى ذلك بأن أغلب المدارس في اليمن تعرضت للقصف وأتخذ الطلاب الشوارع مدارس لهم فنجد صور على وسائل التواصل الإجتماعي لمعلم مع طلابه يدرسهم تحت شجرة، وأخرى لطلاب داخل بقايا حطام المدارس اللاتي تعرضنّ للقصف، أو التفجير، بخلاف الأطفال الذين يعملون كباعة متجولون في الشوارع ويسترقون ساعات منها لكتابة واجباتهم أو قراءة دروسهم.

” لا لا” كلمات تتردد لمسمع الطفل كل يوم ليس لتعديل سلوك، بل خوفًا عليه من أسرته فيرددون: لا تخرج الشارع في إشتباكات، لا تصعد للسقف هناك ضرب، لا تلعب بالحوش راجع الرصاص يصل، لا تلعب بالكراتين والأحجار قد تكون فيها ألغام، لا تلعب كثيرًا في حوش المدرسة كونها كانت ثكنة عسكرية ولا يستبعد إنفجار بقايا سلاح بأي وقت، وكثير من الــ لا الموجهة للطفل اليمني، كررت أمامه مشاهد يتوقعها قبل أن تحدث، ونفسيًا هذا يصنع بداخله شخصية مهزوزة مترددة، تخاف من كل شيء.

في الحقيقة وضع الطفل اليمني تجاوز مقولة” وضع مأساوي” وآل إلى أسوأ ما دون ذلك، حتى أن الناس نسوا احتياجات الطفل واللغة التي يجب التعامل بها معه خاصة في مجتمع كمجتمعنا اليمني مسلح ومعنف، فالطفل أصبح يمتلك ثقافة كاملة بأنواع الأسلحة، ويستطيع التمييز بينهن من خلال أصواتهن، وعلى دراية كاملة بأضرارهن وأسماءهن، حتى ألعابهم فيما بينهم البين هي حرب فمثلًا: ” حرب شوارع، وهذه لعبة بالمسدسات المخصصة للأطفال” يطبقوا فيها حرب الشوارع التي تحدث بشكل يومي أمامهم .

اليوم الطفل اليمني يشارك في دفن والده الذي قُتل في إحدى الجبهات، ويُصرح للقنوات”سأسير على درب أبي وأنتقم ممن قتله” أي لغة هذه التي يتحدث بها طفل، لغة وجع وعنف، ويعتبرها البعض طبيعية لطفل ينام ويستيقظ على صوت ورائحة حرب وحوارات حرب، حتى أن الكبار سلبوا منهم طفولتهم ويحدثونهم بلغتهم الراشدة وبمصطلحات الموت والقتل التي باتت جزء من حياتهم.

غدًا أين سيكون الطفل اليمني؟ وما المستقبل الذي ينتظره؟ وماذا سيُقدم لبلده؟ وكيف سيكون جيل قادر على الإنتاج والبناء وتأسيس جيل آخر وهو يعيش أوضاع لا تناسب سنه!

لن يكون هُناك غدًا إلم تنتهي الحرب ويُعاد ترتيب الأدوار وكل منهم يكون في المكان المناسب فالطفل مكانه الصحيح المدرسة، فلا تجعلوا الحرب تقتل الطفولة التي نستمد طاقتنا الإيجابية من إبتساماتهم، لنتعاون جميعًا لنستعيد الطفولة.–